تخيل عزيزي القارئ أنك من أصحاب الوزن الممتلئ، تحب الوجبات الدسمة، المليئة بالدهون، تعشق الوجبات السريعة، تحب الكشرى أبو دقة، والفلفل المحمر، والشطة، والمخللات، وتعتقد أن المشروبات الغازية تساعدك على الهضم بعد تناول إحدى هذه الوجبات، وتقوم بعدها بتناول فنجانين من القهوة، أو الشاى، وياسلام لو معها سيجارة.. هل يصيبك الاندهاش بعد كل هذا إذا عانيت من ارتجاع المرىء، والحموضة الزائدة...؟!!
لارتجاع المرىء، أعراض مباشرة واضحة مثل الشعور بالحموضة، والحرقان المتكرر على الصدر، أو الشعور برجوع الطعام عبر المرىء، أو الشعور بعصارة مره تعود إلى الحلق، ومنها الأعراض غير المباشرة التى تجعل المريض يدور بين أطباء الباطنة والجهاز الهضمى، والصدر، والقلب، والأنف والأذن والحنجرة، أحياناً مثل آلام الصدر، أو وجود بلغم بالحلق، أو تغير بالصوت، أو التهابات متكررة بالأذن الوسطى.
عن ارتجاع المرىء، وعن حموضة المعدة الزائدة، وعلاقتهما بالغذاء، والدواء، والضغوظ النفسية نتحدث خلال هذا التحقيق مع أساتذة الجهاز الهضمى والتغذية، والباطنة، والطب النفسى ...
يقول د. أحمد فؤاد سليمان أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمى بكلية طب قصر العينى: أسباب التهاب المعدة الإصابات البكتيرية، أو الفيروسية، أو الفطرية، أو كثرة تناول المسكنات، يؤدي إلى ارتجاع المرىء.
ويضيف: ارتجاع المرىء معناه أن الفتحة الموجودة فى أسفل المرىء وقبل المعدة “فتحة الفؤاد” أصبحت غير محكمة الغلق، حيث يفترض إنها تعمل فى اتجاه واحد فقط إلى المعدة، فيتسرب الحامض المعدى إلى المرىء الذى لا تكون بطانته مهيأة لاستقباله، فيحدث بها التهابات شديدة، وتزيد درجة الالتهاب في حال إهمال العلاج.
ويتابع: يساعد على زيادة الارتجاع، الوزن الزائد، التدخين، تناول الكحوليات، تناول المواد الحريفة والحامضية، الشطة والليمون والخل..
ويشير د. أحمد سليمان إلى أن إهمال العلاج قد يؤدى إلى العديد من المضاعفات الخطيرة منها الإصابة بنزيف قد يتحول إلى ورم خبيث بسبب تحور النسيج المبطن للمرئ فى مرحلة متأخرة.
وعن تشخيص ارتجاع المرئ قال: نبدأ بالتشخيص الإكلينيكى، ونصف مثبطات الحامض، وقد يستمر العلاج فترة طويلة، فإذا لم يستجب المريض ألجأ إلى المنظار حتى أتأكد إن كان هناك ارتجاع أم لا، وهل هناك التهابات أسفل المرئ أو فى المعدة، وهل هذه الالتهابات بسيطة أم تحولت إلى قرح، وما هو حجم هذه القرح،وبعد التشخيص نحيط المريض علماً بكل ما يزيد ارتجاع المرئ حتى يبتعد عنها، ومنها اللبن، والنعناع، والحلويات، والقهوة، والنسكافيه، والخل، والليمون، وغيرها.. وقد نلجأ إلى قياس درجة الحامض، والارتجاع، وقياس درجة انقباض فتحة الفؤاد إذا قررنا إجراء جراحة لإعادتها، إلى حالتها الطبيعية، وذلك عن طريق استعمال أجهزة الـ «مانو مترى» و«بى إتش مترى».
وحول نصيحة الأطباء دائماً بعدم ارتداء الملابس الضيقة لمن يعانون من ارتجاع المرئ قال: لأن الملابس الضيقة عند البطن، تضغط على المعدة فيتراجع الحامض إلى الخلف «المرئ» عن طريق فتحة الفؤاد فيحدث ارتجاع المرئ بما يحدثه من أعراض ميل إلى القئ.
د. مجدى نزيه عزمى أستاذ ورئيس وحدة التثقيف الغذائى بالمعهد القومى للتغذية يعدد قائمة الأطعمة التي تزيد من آلام مريض الارتجاع قائلاً: الأغذية التى تحتوى على مواد حمضية والمعقدة صعبة الهضم والتحليل، وتلك التى تحتوى على دهون عالية خاصة «المقلية».
د. مجدى يضيف: المادة الدهنية هى ليست فى أصلها حامضية، لكن تعرضها للحرارة يحولها إلى حامض، بينما هناك أغذية حامضية بطبيعتها مثل الطماطم، والفراولة، والبرتقال، والليمون، واللارنج، والخل.. كل هذه تؤدى إلى زيادة حمض المعدة، بالإضافة إلى الأغذية التى تغير وسطها من وسط معتدل أو قلوي إلي وسط حامضي بسبب الطهي ومنها المواد الدهنية، وعمليات التسبيك الكثيرة، اللحوم النصف مطهية.
ويتابع: الأغذية الحيوانية غير الناضجة جيداً، أو النصف مطهية تدفع المعدة إلي إفراز المزيد من الحامض لمحاولة كسر الألياف الحيوانية الشديدة المعقدة.
د. مجدي ينصح مرضي ارتجاع المريء بشرب كوب من المياه المثلجة المضاف إليها نصف ملعقة من البلن، والبطاطس المسلوقة والمهروسة في ملعقة زيت أو تناول كوب من اللبن البارد كامل الدسم، فكلها تعد علاجا للحموضة، مع تعداد الوجبات الصغيرة، وتقليل حجم كل وجبة حتي تفرز المعدة القليل من الحامض في كل مرة، كما يفضل تناول وجبة العشاء قبل النوم بساعتين علي الأقل والحرص علي الحركة بعد تناول العشاء
ويضيف د.مجدي: الوجبات السريعة ضارة جداً لمن يعاني من الحموضة الزائدة فهي ذات وسط حامضى وجزء كبير منها يعتمد علي الدهون المشبعة فتضطر المعدة إلي زيادة إفراز الحامض للتعامل معها و يكفي إنها تحتوي علي الكاتشب أو صوص الطماطم الحامضي المركز، والمسطردة التي تتكون من المركزات والإضافات الكميائية التي تؤدي بالتأكيد إلي زيادة الحموضة.
ويتابع: الأسماك تزيد الحموضة أيضا، لأنها تعتمد علي القلي، إضافة إلي «التسبيك» بالـ «الثوم والكمون».
ومن المأكولات ينتقل دكتور مجدي إلي المشروبات ليقول: الشاي والقهوة والمشروبات الغازية تؤدي إلي زيادة حموضة المعدة ليس بسبب مادة الكافيين، ولكن لوجود حامض التاينك في الشاي، وحامض الفسفوريك في المياه الغازية، وحامض الكلور وجينيك في البن.
وينصح د. مجدي الأصحاء قبل المرضى قائلاً: احرص علي سلامة معدتك حتي نستطيع أن تستخدمها حينما تحتاجها وحتي تستطيع الاستفادة من العناصر التي قد تؤدي للحموضة، ولكنها مفيدة في أحوال أخري وعلي سبيل المثال التاينك الموجود في الشاي يساعد علي خفض نسبة الكوليسترول في الدم، ومادة السيوفيلين الموجودة أيضاً في الشاي تؤدي إلي توسيع الشعب الهوائية وفيتامين “C” الموجودة في الليمون والبرتقال والطماطم والفراولة.
وعن علاقة الأدوية بالأحماض سلباً وإيجاباً يقول د. محمود محمد عمرو مؤسس المركز القومي للسموم: كل الأدوية تؤثر علي المعدة وتسبب لها التهابات قد تصل إلي حد القرحة، ومنها زيادة الحموضة وارتجاع المرئ أو قلة الحموضة والأكثر تأثيراً علي المعدة،هي المسكنات بكافة أنواعها بما فيها “الباراسيتامول الذي يؤثر علي المعدة خاصة إذا تم تناوله بدون استشارة الطبيب .
أضف إلي ذلك ــ أن الأدوية تتعارض مع بعض فتؤثر علي المعدة خاصة في حالة العلاج الدوائي للحموضة الزائدة ،فتناول أدوية الحموضة مع أدوية أخري يقلل فعالية الأدوية بنسبة 50 %.
ويختتم د. محمود عمرو كلامه قائلاً: التدخين ضار جداً بالصحة. وهو أحد الأسباب الرئيسية لالتهاب المعدة المسبب للحموضة الزائدة فإذا أردت أن تنهي50% من أسباب زيادة الحموضة، فأرجوك توقف عن التدخين فوراً، ليس السجائر فقط، حيث تؤكد الإحصائيات أن نصف مرضي المعدة يمكن شفاؤهم بمجرد الامتناع عن التدخين.
د. عادل حسنين أستاذ الأمراض العصبية والنفسية يقول: “الاسترس” والتوتر والاكتئاب والضغوط النفسية قد تؤدي إلي المرض العضوي النفسي أي أن يظهر المرض النفسي بصور عضوية ومنها الحموضة الزائدة في المعدة والقولون العصبي، وارتجاع فى المرئ. ومن المعروف أن معظم العباقرة والعلماء والأذكياء يعانون من الإمساك، و ضيق الشرايين وهم معرضون دائما للإصابة بالأزمات القلبية وجلطات المخ، وطبعا من القولون العصبي وزيادة الحموض نتيجة لزيادة التفكير وعدم النوم بسبب زيادة إفراز الإدرينالين، والعلاج بسيط جداً وهو البعد قدر الإمكان عن التوتر والقلق والإيمان العميق أن كل شيء بإذن الله وأنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا.
ويضيف: إذا كانت حموضة المعدة وارتجاع المريء هما نتاج الضغوط النفسية والقلق فالعلاج والشفاء بالبعد عن كل مايسبب هذه الضغوط.
وحول ما يقال عن أن تناول أدوية الحموضة لفترات طويلة قد يؤدي إلي الإصابة بالسكتة الدماغية قال د.عادل: قد يؤدي تناول أدوية الحموضة لفترة طويلة إلي عدم إفراز الحمض المعدي علي الإطلاق، وهذا في حد ذاتة ضار جداً لأن هذا الحمض يساعد علي تطهير الإثني عشر والأمعاء الغليظة كذلك قد يؤدي عدم إفراز الحمض إلي تنشيط البكتيريا المعدية التي قد تتسرب إلي القولون فتؤدي إلي انسداده مما قد يؤدي في النهاية إلي الإصابة بسرطان المعدة أو الاثني عشر ، لكن ما يتردد حول علاقة أدوية الحموضة بالسكتة الدماغية إدعاء باطل باطل باطل.
المصدر: محسن الزيات - طبيبك الخاص
نشرت فى 15 أغسطس 2017
بواسطة se7tna
صحتنا
بوابة تهتم بالصحة وكيفية المحافظة عليها .. وأهم الأمراض وكيفية الوقاية منها »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,420,246